تأتي أهمية المكان من عدد مرات دوران عجلة الزمن عليه وليس بقيمته الحالية فقط وهذه المقولة تنطبق على أماكن عدة في مصر كانت في الزمن الماضي شيئا وأصبحت حاليا شيئا آخر، وهنا ما حدث مع فندق أم كلثوم الذي يقع ضمن بناية عالية كتب أعلاها فندق أم كلثوم لتشاهدها وأنت في طريقك على كوبري 6 اكتوبر الشهير.
أنشئ هذا الفندق في نفس مكان فيلا أم كلثوم التي قضت فيها الفترة الأخيرة من حياتها على كورنيش منطقة الزمالك وتحديدا في أول شارع أبو الفدا.
عندما تدخل البهو الذي يكسو أرضياته الرخام وكذلك جدرانه، المطعمة بخشب الارابيسك التي تحتضن عددا من المرايا لترى نفسك فيها وكأنك ذاهب لتأخذ ميعادا من «الست» كما أطلق عليها في المرحلة المتوسطة من عمرها الفني وهذه اللفظة كانت تطلق على صاحبات الطبقة المتوسطة لكنها أخذت تعظيما مستمدا من صاحبته تفوق على لفظة «الهانم» التي كانت تطلق على صاحبات الطبقة العليا.
بعد حوالي 10 أمتار تجد مكتب استقبال الفندق يطالعك فيه الموظف بابتسامة احتفاء بقدومك ولكن قبل الوصول إليه انظر يمينك ستجد إحدى صالونات أم كلثوم الفخمة مكسوة بقماش قرمزي تعلوه نقوش باللون المذهب وعلى قمة الأريكة والكراسي شكل آلة الكمان تحيطه عدد من الآلات الموسيقية بشكل فيه رقي واضح.
أما على يسارك فستجد صالونا آخر باللون الأخضر ويعلو الجدران المحيطة به عدد من الصور الفوتوغرافية محاطة ببراويز في شكل متناغم هي عبارة عن عدد من ذكريات «كوكب الشرق» أم كلثوم خلال مسيرة حياتها الفنية أي حياتها الكاملة التي بدأتها طفلة صغيرة تنشد التواشيح والابتهالات الدينية مع والدها قادمة من قريتها «طماي الزهايرة» هكذا تحكي لك الصور، كذلك تسجل الصور على الجدران من ساهم في بناء مجد هذه السيدة العربية التي لا يعرف الغرب غيرها من الفنانين والتي تباع أعمالها الفنية في أحد أشهر متاجر الأعمال الفنية music plus.
عندما تصل لموظف الاستقبال سيعرض عليك الغرف الخالية من بين 102 غرفة وجناح بطراز يشبه منزلك إلى حد بعيد ولا تشعر معه بالغربة، بالإضافة إلى خدمة فندقية عالية المستوى.
ويمكنك أن تختار الغرفة على حسب حالتك النفسية، فالغرف جميعها بأسماء أغنيات أم كلثوم، فاذا كنت واقعا تحت تأثير الحب لأول مرة يمكنك النزول في غرفة «سيرة الحب» واذا كنت تعيش حالة من الحب الدائم فيمكنك النزول في غرفة «أنت عمري» بالاضافة الى غرفة «أمل حياتي» و«الحب كله» و«غدا ألقاك» و«ألف ليلة وليلة»، و«لسة فاكر» و«فات الميعاد» و«يا ظالمني» و«فكروني» لمن يعاني من الهجر والفراق.
ويقول عماد ماهر عز مدير عام الفندق إن بعض النزلاء يسألون عند قيامهم بحجز غرفهم عن حجرة باسم معين، غير آبهين اذا كانت مطلة على النيل أم لا نظرا لحالتهم النفسية، ومعظم نزلاء هذا الفندق هم من الوسط الفني لا سيما أهل الغناء والطرب، وهذا يرجع لعدة أسباب من ضمنها قربه الشديد من دار الأوبرا المصرية، وتاريخه الفني الشهير واحتوائه على مقتنيات السيدة ام كلثوم الشخصية. وكان وفد من الأمم المتحدة قد طلب تمديد مدة إقامته في مصر مؤخرا للاستمتاع بالفندق، كذلك كان الإعلامي زاهي وهبي من ضمن نزلاء الفندق في فترة سابقة.
«صاحبة العصمة» هو اسم الـLounge في الفندق والذي يقع في الدور الثاني وهو يحمل بالفعل فخامة تليق بصاحبة العصمة أم كلثوم وتحب الجلوس فيه ساعات دون ملل وكأنك في حضرة «الست» التي تدور أغنياتها في الخلفية وأنت تتجول في الفندق بصوت خافت وكأنها تهمس في أذنيك بأرقى معاني الحب والغرام.
واذا أردت أن تستمع لمدة ثوان لصوت أم كلثوم يطالعك بإحدى أغنياتها الشهيرة اتصل بالفندق ليرد عليك الـoperator ويتركك لثوان حتى يجيب على طلبك في هذه الأثناء ستغني لك أم كلثوم مقطعا من إحدى أغنياتها وسيكون غناؤها هنا لك وحدك.
يوجد في هذا الفندق 99 عاملا أي عامل لكل غرفة تقريبا بدءا من مكتب الاستقبال وحتى المطبخ الذي يخدم مطعم «أنغام» وكوفي شوب «أوتار» ليتناسب اسمهم مع اسم صاحبة هذا المكان وكذلك ديكوراتهم العربية الشرقية، أما قاعة الاحتفالات التي تستقبل عددا من ليالي الفرح الذين يريدون مشاركة أم كلثوم في إحياء ليلتهم تستوعب حوالي 4 آلاف فرد وتسمى «كوكب الشرق».
يخلو الفندق من حمام السباحة وقاعة الديسكو وكأنه يواصل احترامه لتاريخ سيدة الغناء العربي أم كلثوم وذكرياتها التي تملأ جدرانه أينما ذهبت وليتناسب مع طبيعة محبي زمنها وفنها، فهذه الأجواء تناسب العائلات التي تبحث عن الاستجمام والهدوء ولرجال الأعمال والفنانين.